بكتيريا مقاومة للمضادات تتفشى بغزة.. بؤر عدوى وأرقام مقلقة

تواجه غزة وضعاً صحياً متدهوراً، مع انهيار النظام الصحي وتفشي بكتيريا مقاومة لأدوية عدة، في ظل ظروف وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها "كارثية".

فبعد مرور 22 شهرًا من الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، أُصيبت عشرات الآلاف بجروح وأُضعف آخرون بسبب سوء التغذية، ما جعلهم عرضة لعدوى قاتلة يصعب علاجها.

وأكدت دراسة نُشرت في مجلة "لانست للأمراض المعدية"، استندت إلى أكثر من 1300 عينة من مستشفى الأهلي، أن ثلثي العينات أظهرت مقاومة لمضادات حيوية عدة، فيما وصف بلال عرفان، الباحث المشارك بالدراسة، النتائج بأنها "مقلقة للغاية".

وبينما تحذر منظمة الصحة العالمية من أن غزة فقدت أكثر من نصف مخزون الأدوية، وتعمل 50% فقط من مستشفياتها و38% من مراكز الرعاية الصحية، تتواصل الغارات التي طالت مناطق مأهولة ومرافق حيوية، مما يزيد من خطر انتشار العدوى.

ومع وصول وفيات الجوع وسوء التغذية إلى 227 شخصًا، بينهم 103 أطفال، دعت منظمة الصحة العالمية ومؤلفو الدراسة إلى وقف القتال وتأمين تدفق الإمدادات الطبية لحماية المرافق الصحية العاملة.

شهدت غزة دمارًا واسعًا في منشآت الرعاية الصحية منذ بدء الحرب، حيث يعمل 50% فقط من المستشفيات و38% من مراكز الرعاية الصحية الأولية، وغالبًا بقدرات جزئية، وفق منظمة الصحة العالمية.

بلغت نسبة إشغال الأسرّة 240% في مستشفى الشفاء و300% في مستشفى الأهلي، وكلاهما في شمال القطاع، فيما يعالج مستشفى الأهلي، أحد القلة التي بقيت تعمل، أعدادًا كبيرة من الإصابات الرضية رغم الغارات الجوية المتكررة.

وأدّى نقص الإمدادات وانقطاع الكهرباء إلى ترك الجروح من دون تضميد لأيام، وغياب السوائل المعقمة، ما حول بعض المرافق الصحية إلى بيئة خصبة لانتقال العدوى، بحسب ما وثقته "لانست".

أظهرت مراجعة لـ1317 عينة في مستشفى الأهلي، بين نوفمبر 2023 وأغسطس 2024، أن 74.6% منها أظهرت نموًا بكتيريًا، وكان 66.9% من هذه العزلات مقاومًا لأدوية عدة.

سجلت الزائفة الزنجارية النسبة الأعلى بين عزلات الجروح (35.9%) تلتها المكورات العنقودية الذهبية (25.6%)، ثم الكلبسيلا (18.5%) والإشريكية القولونية (17%). وأظهرت البيانات مقاومة مرتفعة للأموكسيسيلين–كلافولانات، والسيفوروكسيم، والسيفوتاكسيم تجاوزت 90% بين عزلات الجروح، فيما بلغت مقاومة الميروبينيم في الكلبسيلا 63.8%، وظهرت المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين في 65.6% من العينات.

وأشارت الدراسة إلى أنّ ما تغير الآن هو حجم المشكلة وسياقها السريري وسط الانهيار الصحي.

تفاقمت مقاومة البكتيريا في غزة بفعل الحصار الإسرائيلي المستمرّ، وتدمير أنظمة الصرف الصحي، وتوقف جمع النفايات، ونقص برامج التحصين، إضافة إلى الجوع الذي يفتك بـ2.3 مليون شخص.

وتوضح منظمة الصحة العالمية أن مقاومة المضادات الحيوية تمثل خطرًا عالميًا على الصحة والأمن الغذائي والتنمية، وأن انتشارها يتسارع بفعل سوء الاستخدام ونقص الوقاية من العدوى.

ويحذر الخبراء من أن استمرار الظروف الحالية قد يجعل إصابات شائعة حكمًا بالموت، في ظل غياب المضادات الفعالة.

ويحذّر الخبراء من أن استمرار الظروف الحالية قد يجعل إصابات شائعة مميتة في ظل غياب المضادات الفعالة.

دعت منظمة الصحة العالمية إلى تخزين الإمدادات الطبية في غزة لمواجهة الوضع "الكارثي"، وحثت على رفع القيود عن دخول الأدوية والمعدات الأساسية.

وأوصت دراسة "لانست" بوقف الحرب التي أدت إلى استهداف المستشفيات والمختبرات ومحطات تحلية المياه، ودعم المختبرات القائمة بقوافل دورية من مستلزمات الزراعة الميكروبية والوقود، وتنسيق إمدادات الأدوية عبر منظمة الصحة العالمية لتلبية الاحتياجات الموثقة.

كما طالب وزراء خارجية 24 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وكندا، إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون عراقيل، فيما تتهم إسرائيل حركة حماس بالاستيلاء على الشحنات، وهو ما تنفيه الحركة.