سياسة

ضربة لـ"الجبهة الثامنة".. فيديوهات الأسرى تنسي إسرائيل جوع غزة

نشر
blinx & Reuters & AFP
بعد أن نشرت حركة حماس مقطعي فيديو لإثنين من الرهائن الإسرائيليين وقد بدا عليهما الهزال الشديد، يبدو أن الرغبة لدى وسائل الإعلام الإسرائيلية في تناول الأزمة الإنسانية في غزة بشكل نقدي في الأسابيع الأخيرة، قد تبخرت وفق تحليل لوكالة رويترز.
ففي أواخر يوليو، عندما أثارت صور سكان غزة الذين يتضورون جوعا احتجاجا دوليا، بدأت بعض وسائل الإعلام والإذاعات الإسرائيلية في نشر تقارير عن تدهور الأوضاع هناك، وحثت على استجابة أقوى للمساعدات.
ووصفت يونيت ليفي، مذيعة الأخبار الرئيسية في القناة 12، الأزمة الإنسانية في غزة بأنها "فشل أخلاقي" على الهواء مباشرة، وناشد رؤساء بعض الجامعات ومركز ذكرى المحرقة مساعدة سكان غزة الجوعى.
وركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى حد كبير خلال 22 شهرا من الحرب على الصدمة وتأثير هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023 على الإسرائيليين، الذي قُتل فيه نحو 1200 شخص وشهد اقتياد 251 آخرين رهائن إلى غزة وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وركزت التغطية على مصير الرهائن والخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي.
ورحب بعض الإسرائيليين بتعليق ليفي وسلسلة التقارير التي ناقشت الأوضاع في غزة كدليل على الاستعداد لبحث تأثير الحرب على المدنيين الفلسطينيين. لكن ماذا تغير مؤخرا؟

تعكّر المزاج العام الإسرائيلي

المزاج العام في إسرائيل تعكر بشكل كبير عندما نشرت حماس في 31 يوليو مقطعا مصورا للرهينة الإسرائيلي روم براسلافسكي البالغ من العمر 21 عاما وهو يبكي ويتألم.
وتبعه بعد ٣ أيام مقطع لإفياتار دافيد، 24 عاما، الذي قال إنه أُجبر على حفر قبره بنفسه.

نتائج عكسية للفيديوهات

وجاء المقطعان، اللذان قال أحد المصادر الفلسطينية إنهما صمما لإظهار التأثير الرهيب لتقييد تدفق المساعدات إلى غزة، بنتائج عكسية، مما أدى إلى وقف التعاطف المتزايد في إسرائيل تجاه المدنيين في القطاع.
ووسط إدانة دولية لحماس، خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في إسرائيل للمطالبة بالعودة الفورية للرهائن. ولا يزال هناك حوالي 50 رهينة في غزة، ولكن يُعتقد أن حوالي 20 منهم فقط لا يزالون على قيد الحياة.

"لا قدرة للشعور بألم الآخرين"

وقال أوري داجون، نائب رئيس تحرير صحيفة "يسرائيل هيوم"، وهي الصحيفة الأوسع انتشارا في إسرائيل، إنه مع وجود الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة، فإن الإسرائيليين "لا يملكون القدرة على الشعور بألم الطرف الآخر".
وقال "أعلم أن هذا يبدو فظيعا لكنها الحقيقة".

انتقاد إسرائيلي للصحافة الأجنبية

اتهم داجون وسائل الإعلام الأجنبية بالوقوع في "حملة أكاذيب" حول المجاعة في غزة. فرغم نشر صحيفته مقالات عن المعاناة هناك، إلا أنها أكدت على أن حماس هي المسؤولة عن ذلك.
وتساءل عن السبب في أن وسائل الإعلام الأجنبية التي نشرت صورا لسكان غزة وقد بدا عليهم الهزال جراء الجوع لم تعط نفس الأهمية للصور المروعة للرهينة دافيد.

إسرائيل ومصير الرهائن الإسرائيليين

وكانت حركتا حماس والجهاد قد نشرتا خلال الأسبوع الماضي ٣ مقاطع فيديو تُظهر الرهينتين الإسرائيليين وقد بدا عليهما تأثير سوء التغذية والهزال والوهن، مما أثار صدمة واسعة في إسرائيل، وأجّج الجدل العام بشأن ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن الذين اختطفوا خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
وعبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "صدمة عميقة" إزاء تلك المشاهد، وقال "بينما تسمح دولة إسرائيل بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، يقوم عناصر حماس بتجويع رهائننا عمدا وتصوريهم بطريقة دنيئة ومقيتة".
من جانبه، أعلن المتحدث باسم كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، أن الحركة توافق على مطالب الصليب الأحمر مقابل ضمان إدخال دائم للمساعدات الغذائية والطبية إلى جميع أنحاء قطاع غزة، كما طالب بوقف الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق القطاع أثناء تسليم الطرود إلى الرهائن.

خسارة مدوّية لإسرائيل على المستوى الإعلامي

على مدار ما يقرب من عامين منذ هجمات حماس تواجه إسرائيل تحديات جسيمة متعددة الأبعاد في تعاملها مع قطاع غزة.
التحديات لا تقتصر على الميدان العسكري فقط، بل تمتد لتشمل خسائر إعلامية وسياسية، ومآزق إنسانية، وضغوط دولية تتزايد بحدة، وهو ما يعرف بـ""الجبهة الثامنة"، كل ذلك أدى إلى تراجع واضح في خططها ومبادراتها المتعلقة بإدارة الأزمة.
وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن إسرائيل خسرت المعركة الإعلامية بامتياز، حيث تبنى المجتمع الدولي والرأي العام العالمي روايات منظمات حقوق الإنسان، التي وصفت التدخل الإسرائيلي بأنه كارثي إنسانيًا، ما دفع الدول الصديقة لإسرائيل إلى إعادة النظر في مواقفها.
كما تصاعدت الحملات الدولية ضد إسرائيل بسبب ما وصف بـ"حملة التجويع" على سكان غزة.
في ظل هذه الظروف، تبدو إسرائيل أمام مأزق مزدوج: فهي تواجه خسارة معركة الإعلام العالمية، التي تهدد دعمها الدولي وتُضعف من موقفها الدبلوماسي، وفي الوقت ذاته تتراجع عن تنفيذ مشاريع استراتيجية لفترة ما بعد الحرب.
وتحاول بالمبادرات الأحادية الجانب تفادي مزيد من الضغوط، لكنها تدرك أن التردد في اتخاذ قرارات جذرية ووضوح الاستراتيجية قد يؤدي إلى مزيد من التدهور، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة