من الدراسة إلى طوابير الخبز.. حرب غزة تقتل "حلم المستقبل"
كانت الطالبة مها علي تطمح في أن تصبح صحفية يوما ما وتغطي الأحداث في غزة، لكن طموحها الوحيد الآن هي وغيرها من الطلاب بات أن تجد طعاما في ظل الجوع الذي يجتاح القطاع الفلسطيني.
ومع اشتداد الحرب، تعيش مها، 26 عاما، بين أنقاض الجامعة الإسلامية التي كانت تعج بالحياة يوما ما قبل أن تصبح الآن ملاذا للنازحين شأنها شأن غيرها من المؤسسات التعليمية في غزة.
وقالت مها "إحنا كشباب بقالنا سنتين واقفين محلنا... مفيش شيء في حياتنا بيمشي ... مفيش إيشي موجود غير الموت. لا في شغل ولا في تعليم ولا في حرية تنقل... إحنا قاعدين هنا بنولع نار قاعدين بننقل ماي، بنعمل أشياء عقلنا مش قادر يستوعبها، صوت الشباب مش مسموع في غزة... بنحكي من فترة طويلة إحنا بدنا نعيش. إحنا بدنا نتعلم... إحنا بدنا نسافر... صرنا هلا بحكي إحنا بدنا ناكل".

مها تقول "إحنا كشباب بقالنا سنتين واقفين محلنا...". رويترز
ومها واحدة من جيل من سكان غزة، في مراحل تعليمية من المدرسة إلى الجامعة، يقول إنه حرم من التعليم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة منذ عامين تقريبا والتي دمرت مؤسسات القطاع. فهل من بارقة أمل للأجيال الفلسطينية في مستقبل "طبيعي"؟
واتهم وزير التعليم الفلسطيني أمجد برهم إسرائيل بتدمير المدارس والجامعات على نحو ممنهج، قائلا إنها دمرت 293 مدرسة من أصل 307 إما كليا أو جزئيا.
وأضاف أن إسرائيل تريد بذلك قتل الأمل في نفوس الشبان
واتهمت إسرائيل حماس وفصائل مسلحة أخرى بالتسلل إلى المناطق والمنشآت المدنية، ومن بينها المدارس، واستخدام المدنيين دروعا بشرية. وتنفي حماس هذه المزاعم، وتتهم هي والفلسطينيون إسرائيل بشن غارات عشوائية.
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحدث تقييم للأضرار استنادا إلى صور الأقمار الصناعية في يوليو كشف أن 97 بالمئة من المنشآت التعليمية في غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة، وإن 91 بالمئة منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.
وأضاف "لا تزال القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحد من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة وتؤثر سلبا على حجم المساعدات المقدمة وجودتها".
ترسم هذه الإحصاءات القاتمة مستقبلا مظلما لياسمين الزعنين، 19 عاما، التي راحت تفرز الكتب التي لا تزال سليمة وهي جالسة في خيمة للنازحين رغم الغارات الإسرائيلية والنزوح.

ياسمين ومستقبل مظلم. رويترز
وتتذكر كيف كانت منغمسة في دراستها، تطبع الأوراق وتجد مكتبا وتجهّزه بالإضاءة.
وقالت "بسبب الحرب، تم توقيف كل شيء. يعني، كل ما بنيته وعملته، كل ما فعلته تم تهديمه وتم تحطيمه في ثواني".
ولا يوجد أمل في التخفيف من المعاناة أو العودة إلى الفصول الدراسية فورا.
مدارس تتحول لملاجئ غير آمنة
وتتذكر سجى عدوان، 19 عاما، وهي طالبة متفوقة في معهد أزهري بغزة وتعيش في مدرسة تحولت إلى مأوى مع عائلتها المكونة من 9 أفراد، كيف قُصف المبنى الذي كانت تدرس فيه سابقا.

الطالبة المتفوقة سجى عدوان. رويترز
وفي ظل الحصار، اختفت كتبها وموادها الدراسية. ولشغل ذهنها، تدوّن ملاحظات على الأوراق الدراسية القليلة التي حملتها معها.
وقالت "كل ذكرياتي كانت هناك، طموحاتي وأهدافي. كنت أحقق حلما هناك. كان المعهد بمثابة حياة. عندما كنت أذهب إليه كنت أشعر براحة نفسية".
وأضافت "كانت دراستي هناك تمثل حياتي ومستقبلي الذي كنت أتطلع إلى أن أتخرج منه".
التجويع في غزة يقتل 100 طفل
وكان مسؤولون إنسانيون بالأمم المتحدة، دعوا الإثنين، إلى تحرك عاجل بعد أن أعلنت السلطات الصحية في غزة وفاة أكثر من 100 طفل جراء سوء التغذية منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن شركاءه الإغاثيين في غزة وصفوا تجاوز حصيلة الوفيات بين الأطفال حاجز المئة بأنه "محطة مدمّرة تُخجل العالم وتستدعي تحركا عاجلا طال انتظاره".
وذكر برنامج الأغذية العالمي أن أكثر من 300 ألف طفل ما زالوا في خطر شديد، وأن أكثر من ثلث سكان غزة أفادوا بعدم تناول الطعام لأيام متتالية.
وأوضح البرنامج أن تلبية الاحتياجات الأساسية من المساعدات الغذائية في غزة تتطلب أكثر من 62 ألف طن شهريا، لكن حتى الآن لم يُسمح بإدخال كميات كافية تضمن بقاء نحو مليوني إنسان على قيد الحياة.