صفقة ويسمان المرفوضة.. من ملاعب ألمانيا إلى شبح الهولوكوست
تزامنا مع إعلان المستشار الألماني فريديرش ميرتس وقف تصدير المعدات العسكرية لإسرائيل خوفا من استخدامها في الحرب على غزة، برزت قضية جديدة، أربكت الكرة الألمانية ووضعتها في "مرمى نيران" إسرائيليين.
القصة بدأت عندما تفاوض نادي فورتونا دوسلدورف الألماني الذي ينافس في دوري الدرجة الثانية، مع المهاجم الإسرائيلي شون ويسمان، لاعب غرناطة الإسباني.
المفاوضات بين النادي الألماني واللاعب الإسرائيلي كانت تسير بإيجابية، وعندما أصبحت الصفقة على وشك الاكتمال، وتسربت الأخبار إلى وسائل الإعلام، دشنت جماهير النادي الألماني حملة لإفسادها، بسبب ما ينشره اللاعب عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحريضه على إبادة الشعب الفلسطيني وتدمير غزة بالكامل.
واستجاب النادي الألماني لمطالبات الجماهير وأوقف الصفقة بالفعل، ليتعرض لاتهامات من الجاليات اليهودية في ألمانيا وأوروبا بمعاداة السامية واستبعاد اللاعب من حساباته، وتبدأ نقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من جديد حول علاقة ألمانيا باليهود.
مع تصاعد نبرة الهجوم على نادي دوسلدورف من الجالية اليهودية في ألمانيا بعد إعلان إيقاف صفقة ضم المهاجم الإسرائيلي، قرر رئيس النادي كلاوس ألوفس التحدث للإعلام لتوضيح الموقف، ونفي تماما كون النادي استبعد اللاعب من حساباته نظرا لكونه يهوديا أو إسرائيليا كما أشيع خلال الأيام الماضي.
وفي تصريحات نقلتها وكالة "أسوشيتد برس" قال ألوفس إنه "من العبث" اتهام فريقه بمعاداة السامية، مشيرا إلى أن القرار "كان من الأفضل لو تم اتخاذه مبكرا"، مضيفا: "لكننا أردنا الانتظار للتشاور مع أعضاء الجالية اليهودية في دوسلدورف قبل اتخاذ قرار رفض التعاقد".
وسُئل رئيس النادي الألماني بشكل مباشر حول إذا ما كان ناديه معاديا للسامية لاستبعاد اللاعب الإسرائيلي، ليرد قائلا: "إنه أمر عبثي بمنتهى الصراحة"، معللا في الوقت نفسه بأن دوسلدورف كان يرغب في التعاقد مع اللاعب الإسرائيلي وبدأ بالفعل التفاوض معه.
ولم يكشف النادي في بداية الأمر عن سبب تعطل الصفقة، قبل أن يعلن في بيان الجمعة، 8 أغسطس، عن السبب الذي أدى إلى إلغاء ضم مهاجم غرناطة الإسباني، إذ أكد ألوفس أن "تصريحات فايسمان على مواقع التواصل الاجتماعي والتعامل اللاحق معها لا يتوافق مع قيم دوسلدورف".
وكانت جماهير النادي الألماني قد أعادت نشر تصريحات للاعب الإسرائيلي يدعو خلالها لإبادة قطاع غزة بالكامل، إذ كتب عبر حسابه على إنستغرام "هل يمكن لأحد أن يقنعني لماذا لم نُسقط قنبلة وزنها 200 طن على غزة حتى الآن؟".
كما تناقلت الجماهير تفاعلاته مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ علق ويسمان على منشور للقناة 12 الإسرائيلية حول تعامل الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين وقال "لماذا لا يطلق الجندي الرصاصة إلى الرأس مباشرة؟".
وتفاعل اللاعب الإسرائيلي مع حملة جماهير النادي الألماني التي توسعت على منصة "إكس"، وقام بحذف المنشورات التي يحرض خلالها على قتل وإبادة الفلسطينيين في غزة، لكن ذلك لم يكن كافيا.
وتستدعي إسرائيل دائما "شبح الهولوكوست" لتذكير ألمانيا باضطهاد اليهود في عهد هتلر وقتل أعداد هائلة منهم خلال الحرب العالمية الثانية، في محاولة للحصول على كافة أشكال الدعم، وهو ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ردا على قرار ألمانيا بوقف الصادرات العسكرية.
وأبدى نتنياهو في تصريحات نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" رفضه للقرار الألماني، وقال: "بدلا من أن تدعم ألمانيا حرب إسرائيل العادلة ضد حماس التي نفذت أفظع هجوم على الشعب اليهودي منذ المحرقة، تكافئ ألمانيا حماس بحظر توريد الأسلحة إلى إسرائيل".
ولم يتوقف نتنياهو عن الإشارة إلى محرقة الهولوكوست فقط، ليستأنف حديثه بشكل أكثر مباشرة، ويضيف: "إن ألمانيا حليف وثيق لإسرائيل، لأنها تشعر بمسؤولية خاصة تجاه بقاء الدولة بعد جرائم الهولوكوست في ظل النظام النازي".
وكان المستشار الألماني قد أعلن الجمعة، 8 أغسطس، أن تصدير المعدات العسكرية لإسرائيل سيتوقف "حتى إشعار آخر"، وقال: "العمل العسكري الأكثر قسوة الذي يشنه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية الليلة الماضية، يدفع الحكومة الألمانية لوقف تصدير أي معدات عسكرية يمكن استخدامها في غزة حتى إشعار آخر".
وتعتبر ألمانيا ثاني أكبر مورد للمعدات العسكرية والأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة الأميركية، إذ تمثل نحو ثلث الواردات الإسرائيلية العسكرية، وفقا لمعهد
ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي أكد أن أبرز المعدات التي تستوردها إسرائيل من ألمانيا هي الفرقاطات والتوربيدات، بالإضافة إلى قطع غيار رئيسية لدبابة "ميركافا" التي تعتمد عليها إسرائيل بشكل أساسي في غزة.
وكان البرلمان الألماني قد كشف في يونيو الماضي إن تراخيص إرسال معدات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 565 مليار دولار، مُنحت من ألمانيا ما بين 7 أكتوبر 2023 وحتى 13 مايو الماضي، وقالت الحكومة إن شحنات الأسلحة شملت معدات خاصة للجيش والبحرية ومعدات إلكترونية، ومركبات مدرعة وأسلحة نارية وذخيرة.
لم تكن أزمة المهاجم الإسرائيلي ويسمان هي الوحيدة التي استدعت الحرب على غزة، إذ شهدت الفترة الماضية تدخلات من لاعبين آخرين بالتعليقات على ما يدور في القطاع الفلسطيني.
وكان الكوري الجنوبي سون هيونغ مين المنتقل حديثا إلى لوس أنجلوس غالاكسي الأميركي، بين أبرز اللاعبين الذين تحدثوا عن غزة، إذ ظهر في مقطع مرئي ترويجي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ليدعو إلى مساعدة الفلسطينيين.
وقال سون، المشارك في مبادرات مكافحة الجوع حول العالم: "العديد من الأسر والأطفال يعانون الجوع الشديد في فلسطين، أكافح ضد الجوع في مختلف أنحاء العالم بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، ومنح الطعام لكثير من العائلات بمثابة منحهم الحياة".
وتبنى لاعب توتنهام هوتسبير السابق الدعوة للتبرع حول العالم من أجل توفير الغذاء إلى لسكان غزة وقال "الغذاء هو أفضل هدية يمكن تقديمها، أرجوكم تبرعوا الآن".
وتفاعل اللاعب المصري محمد صلاح نجم وهداف ليفربول الإنكليزي مع منشور للاتحاد الأوروبي لكرة القدم لتوديع اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد، المشهور بلقب "بيليه فلسطين"، والذي أعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مقتله أثناء انتظاره تلقي المساعدات، وأكدت عائلته أنه قتل بنيران دبابة إسرائيلية.
وعلق صلاح منتقدا على منشور اليويفا بتساؤلات "هل يمكنكم إخبارنا كيف مات؟ أين؟ ولماذا؟"، ليحقق منشور صلاح وصول اقترب من 100 مليون مشاهدة حول العالم.