خطة احتلال مدينة غزة.. "مصيدة موت" في "حصن حماس"
أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أن رئيس هيئة الأركان العامة إيال زامير وافق على "الخطوط العريضة" لخطة هجوم على قطاع غزة.
وتقول إسرائيل إنها ستشن هجوما جديدا وتسيطر على مدينة غزة، التي سيطرت عليها بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 ثم انسحبت منها.
والخطوط العريضة التي وافق عليها زامير هي جزء من خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة، التي ستضع الجيش الإسرائيلي أمام تحدّ صعب سيكون مكلفا له في أكبر مدن القطاع الفلسطيني المكتظة بالسكان والتي سيترصده فيها على الأرجح آلاف من مقاتلي حركة حماس، بحسب ما يرى خبراء لفرانس برس.
وفي خطته، قال نتنياهو إن هدف العملية هو "تفكيك معقلي حماس المتبقيين في مدينة غزة والمخيمات الوسطى"، مع إنشاء ممرات ومناطق آمنة للسماح للمدنيين بمغادرة تلك المناطق.
وتسجل مدينة غزة كثافة سكانية أعلى من سائر مناطق قطاع غزة، وكان عدد سكانها يقدر قبل الحرب بأكثر من 760 ألف نسمة بحسب الأرقام الرسمية الفلسطينية، من أصل عدد إجمالي لسكان القطاع يقارب 2.4 مليون نسمة.
وتزايد عدد السكان فيها على مدى الحرب المستمرة منذ أكثر من 22 شهرا، مع نزوح أعداد كبيرة إليها هربا من الضربات الإسرائيلية.
وتكتظ المدينة بخيام النازحين وأماكن الإيواء التي غالبا ما تنصب فوق ركام مبان دمرتها الغارات الإسرائيلية. فإلى أين سيتجه النازحون الفلسطينيون في حال تنفيذ الخطة؟
اعتبر الجنرال الإسرائيلي السابق عمير عفيفي الذي يترأس "المنتدى الإسرائيلي للدفاع والأمن" متحدثا لوكالة فرانس برس أن بإمكان الجيش القيام بعمليات في المنطقة، واصفا مدينة غزة بأنها "حصن" و"قلب سلطة حماس".
ورأى أن التحدي لإسرائيل سيكون إنسانيا بالمقام الأول، إذ تنص خطة نتنياهو بحسب التفاصيل القليلة التي رشحت عنها على توجيه الأمر إلى السكان بإخلاء المدينة قبل بد العملية.
ولفت عفيفي إلى أن نحو 300 ألف من سكان المدينة لم يغادروها بعد بدء الحرب، خلافا لباقي القطاع حيث نزح جميع السكان تقريبا وقسم كبير منهم عدة مرات.
وتابع أن إسرائيل سبق أن حاولت دفع المدنيين إلى النزوح جنوبا نحو مناطق حدّدتها على أنها "إنسانية"، لكن هذه المناطق باتت مكتظة ولا يمكنها استقبال وافدين جدد.
ورأى ميكايل ميلشتاين الضابط السابق في الاستخبارات الإسرائيلية أنه "لا يمكن إرسال مليون شخص جدد إلى هناك" فذلك سيسبب "أزمة إنسانية مروعة".
كما أن توزيع المساعدات الإنسانية بشكل أساسي في مناطق تقع إلى جنوب مدينة غزة، ينبغي أن يحض السكان على التوجه إلى مراكز التوزيع التي تعتزم "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل إقامتها في المستقبل لزيادة عدد مراكزها من أربعة حاليا إلى 16.
لكن أعدادا من منتظري المساعدات يقتلون يوميا بنيران إسرائيلية في هذه المواقع التي وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها "مصيدة للموت" في القطاع المهدد بالمجاعة، فيما نددت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بإضفاء طابع عسكري على المساعدات الإنسانية، رافضة التعامل مع تلك هذه المنظمة.
ويقدر ميلشتاين الذي يدير برنامج الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، عدد مقاتلي كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، في المدينة بما بين 10 آلاف و15 ألفا، بينهم كثيرون جندوا حديثا.
وأوضح أن "الشباب الفلسطينيين اليوم لا عمل لديهم ولا تعليم ولا مدرسة، وبالتالي من السهل إقناع فلسطيني في الـ17 أو الـ18 أو الـ19 من العمر بالالتحاق بكتائب القسام".
ولفت ميلشتاين إلى أن المدينة التي كانت مركز سلطة حماس بعد سيطرتها على القطاع في 2007، تضم العديد من الناشطين وعناصر الهيئات السياسية والمدنية والاجتماعية والدينية التابعة للحركة.
ورأى أنه فيما الجيش "يستعد، فإن حماس أيضا تستعد من جانبها للحرب القادمة التي ستكون في حال وقوعها أشبه بستالينغراد".
ويتوقع الجيش العثور في غزة على شبكة واسعة من الأنفاق يعتقد أن الأسرى محتجزون فيها، ومستودعات أسلحة ومخابئ ومراكز قتالية.
وأشار ميلشتاين إلى معارضة رئيس هيئة الأركان إيال زامير لخطة نتانياهو بسبب كلفتها البشرية.
من جانبها قالت مايراف زوزين من مجموعة الأزمات الدولية إنه "من شبه المستحيل عدم التسبب بسقوط ضحايا بين الرهائن وبوقوع كارثة إنسانية كبرى في آن"، مشيرة إلى أن الأضرار المادية ستكون هائلة.
وختمت "سيدمرون كل شيء بكل بساطة، وبعدها لن يبقى شيئا".
وأكد زامير مساء الإثنين أن الجيش "سيعرف كيف يسيطر على مدينة غزة، تماما كما عرف كيف يسيطر على خان يونس ورفح" في جنوب القطاع، مضيفا "عملت قواتنا هناك في الماضي، وسنعرف كيف نفعل ذلك من جديد".