قمة ترامب-بوتين.. كيف خرجت الصين بنصيب الأسد؟
انتهت القمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، دون الإعلان عن اتفاق للتوصل لحل بشأن الحرب في أوكرانيا أو وقفها، على الرغم من أن الزعيمين وصفا المحادثات بأنها مثمرة.
بالمقابل، خرجت الصين، التي لم تكن حاضرة القمة، بانتصار يتعلق بتأجيل فرض رسوم جمركية عليها بسبب شرائها النفط الروسي.
وخلال ظهور موجز أمام وسائل الإعلام عقب الاجتماع الذي استمر قرابة 3 ساعات في ألاسكا، قال الزعيمان إنهما أحرزا تقدما. لكنهما لم يقدما أي تفاصيل ولم يتلقيا أي أسئلة، وتجاهل ترامب أسئلة الصحفيين.
وقال ترامب، وهو يقف أمام خلفية مكتوب عليها "السعي لتحقيق السلام"، "لقد أحرزنا بعض التقدم".
وأضاف "لا يوجد اتفاق، حتى يتم التوصل إلى اتفاق".
ولم تسفر المحادثات مبدئيا على ما يبدو عن خطوات ملموسة نحو وقف إطلاق النار في الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ 80 عاما، وهو الهدف الذي حدده ترامب قبل القمة.
لكن مجرد الجلوس وجها لوجه مع الرئيس الأميركي مثل انتصارا لبوتين، الذي واجه عزلة من قبل القادة الغربيين منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022.
وفي أعقاب القمة، قال ترامب لشون هانيتي من قناة فوكس نيوز إنه سيرجئ فرض رسوم جمركية على الصين بسبب شرائها النفط الروسي بعد إحراز تقدم مع بوتين.
وقال ترامب بشأن الرسوم الجمركية على الصين "بسبب ما حدث اليوم، أعتقد أنني لست مضطرا للتفكير في ذلك الآن". وأضاف "قد أضطر إلى التفكير في الأمر بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أو ما شابه، ولكن ليس علينا التفكير في ذلك الآن".
كما هدد ترامب أيضا بفرض عقوبات على موسكو، لكنه لم ينفذها حتى الآن، حتى بعد أن تجاهل بوتين الموعد النهائي الذي فرضه ترامب لوقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي المقابلة مع فوكس نيوز، اقترح ترامب أيضا أن يتم الآن عقد اجتماع بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقد يحضره هو أيضا. ولم يقدم مزيدا من التفاصيل حول الجهة المنظمة للاجتماع أو موعده.
ولم يشر بوتين إلى لقاء زيلينسكي عندما تحدث إلى الصحفيين في وقت سابق. وقال إنه يتوقع من أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين قبول نتائج المفاوضات الأميركية الروسية بشكل بناء وعدم محاولة "عرقلة التقدم الناشئ".
كما كرر موقف موسكو الذي لطالما كررته بأن ما تقول روسيا إنه "الأسباب الجذرية" للصراع يجب القضاء عليها للتوصل إلى سلام طويل الأمد، في إشارة إلى أنه لا يزال يقاوم وقف إطلاق النار.
ولا يوجد أي رد فعل حتى الآن من كييف على القمة، وهو أول لقاء بين بوتين ورئيس أميركي منذ بدء الحرب.
وعندما سأل هانيتي ترامب عما سينصح به زيلينسكي، قال "يجب أن نبرم اتفاقا".
وأضاف ترامب "روسيا قوة كبيرة جدا، وهم ليسوا كذلك".
ووفقا للمحللين، أسفرت الحرب عن مقتل أو إصابة أكثر من مليون شخص من كلا الجانبين، بما في ذلك الآلاف من المدنيين الأوكرانيين.
استبعد زيلينسكي تسليم أوكرانيا رسميا أي أراض لموسكو، كما يسعى إلى الحصول على ضمانة أمنية مدعومة من الولايات المتحدة. وقال ترامب إنه سيتصل بزيلينسكي وقادة حلف شمال الأطلسي لإطلاعهم على آخر المستجدات بشأن محادثات ألاسكا.
وبينما كان الزعيمان يتحدثان، كانت الحرب مستعرة، حيث كانت معظم المناطق الأوكرانية الشرقية تحت إنذارات الغارات الجوية. وأفاد حاكما منطقتي روستوف وبريانسك الروسيتين بأن بعض أراضيهما تتعرض لهجمات من الطائرات الأوكرانية المسيرة.
وقال عضو البرلمان الأوكراني المعارض أوليكسي هونتشارينكو على تطبيق تيليغرام "يبدو أن بوتين اشترى لنفسه المزيد من الوقت. لم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار أو وقف التصعيد".
وتناقضت النهاية المخيبة للتوقعات التي انتهت بها القمة التي حظيت بمتابعة عن كثب على نحو صارخ مع الفخامة والأجواء التي بدأت بها. فعندما وصل بوتين إلى قاعدة تابعة للقوات الجوية في ألاسكا، كان بانتظاره بساط أحمر حيث استقبله ترامب بحرارة بينما كانت المقاتلات الأميركية تحلق في سماء المنطقة.
وفي اليوم السابق للقمة، طرح بوتين احتمال وجود شيء يريده ترامب، اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة النووية لتحل محل آخر اتفاقية قائمة من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في فبراير. ولم يتضح ما إذا كانت هذه المسألة قد نوقشت أمس الجمعة.
كان زيلينسكي، الذي لم تتم دعوته إلى ألاسكا، وحلفاؤه الأوروبيون يخشون من أن يتخلى ترامب عن أوكرانيا من خلال تجميد النزاع بشكل أساسي والاعتراف، ولو بشكل غير رسمي فحسب، بالسيطرة الروسية على خُمس مساحة أوكرانيا.
وسعى ترامب إلى تهدئة هذه المخاوف أمس الجمعة قبل المحادثات، قائلا إنه سيترك لأوكرانيا القرار بشأن أي تنازلات محتملة عن الأراضي.
وقال "أنا لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، أنا هنا لأجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات".
وردا على سؤال حول ما الذي سيجعل الاجتماع ناجحا، قال للصحفيين "أريد أن أرى وقف إطلاق النار سريعا. لن أكون سعيدا إذا لم يتم ذلك اليوم. أريد أن يتوقف القتل".
وشارك في الاجتماع أيضا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومبعوث ترامب الخاص إلى روسيا ستيف ويتكوف ومساعد السياسة الخارجية الروسي يوري أوشاكوف ووزير الخارجية سيرجي لافروف.
وأقر ترامب، الذي قال خلال حملته الرئاسية إنه سينهي الحرب الأوكرانية في غضون 24 ساعة، يوم الخميس بأن المهمة أصعب مما كان يتوقع. وكان قد قال إنه إذا سارت محادثات الجمعة على ما يرام، فإن ترتيب قمة ثلاثية ثانية تشمل زيلينسكي قريبا سيكون أكثر أهمية من لقائه مع بوتين.
واختتم ترامب تصريحاته أمس الجمعة بقوله لبوتين "أود أن أشكرك جزيل الشكر، وسنتحدث إليك قريبا جدا وربما نلتقي بك مرة أخرى قريبا جدا".
ورد بوتين "المرة المقبلة في موسكو".
وقال زيلينسكي قبل قمة الجمعة إن الاجتماع يجب أن يفتح الطريق أمام "سلام عادل" ومحادثات ثلاثية تشمله، لكنه أضاف أن روسيا مستمرة في شن الحرب.
وكتب على تطبيق تيليجرام "حان الوقت لإنهاء الحرب، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة من قبل روسيا. نحن نعتمد على أميركا".