"نزع السلاح لا يكفي".. تحذير من رسوخ نفوذ حزب الله الخدمي
في وقت تشهد الساحة اللبنانية حراكاً سياسياً وأمنياً مكثفاً، برزت إشكالية محورية تتقاطع فيها الملفات العسكرية والاجتماعية والاقتصادية، وتتمحور حول كيفية استهداف مصدر قوة حزب الله المتمثل في خدماته الاجتماعية، بالتوازي مع تنفيذ خطة أميركية لنزع سلاحه وربطها بانسحاب إسرائيلي وإصلاحات اقتصادية قبل الانتخابات النيابية المقررة في 2026.
وفي تصريح سابق لـ"بلينكس"، شددت وزارة الخارجية الأميركية على أن "الكلمات لا تكفي ما دام حزب الله يحتفظ بسلاحه"، داعية الجيش اللبناني إلى الالتزام الكامل وتنفيذ قرار الحكومة بوضع كل الأسلحة تحت سلطة الدولة بحلول نهاية العام.
وبينما ترى واشنطن في هذه الخطوة "مرحلة مهمة نحو السيادة اللبنانية"، تكشف ذا ناشيونال إنترست أن نفوذ الحزب لا يستند فقط إلى قدرته العسكرية، بل إلى شبكته الخدمية التي تملأ فراغ الدولة وتستقطب أصوات الناخبين، خاصة في معاقله التقليدية.
هذا التداخل بين القوة الاجتماعية والعسكرية، المدعوم بواقع اقتصادي هش وفساد مستشري، يضع الحكومة اللبنانية أمام اختبار مزدوج:
استعادة زمام المبادرة في تقديم الخدمات الأساسية
وتنفيذ التزامات نزع السلاح بما يترافق مع إصلاحات تفتح الباب أمام دعم دولي واسع.
بحسب ذا ناشيونال إنترست، ورغم أن انتخاب الرئيس اللبناني، جوزيف عون، في يناير ،2025 شكّل "ضربة قوية" لحزب الله، فإن الأساس في دعمه الشعبي يبقى جناحه الخدمي، عبر منظمات مثل "جهاد البناء" و"الهيئة الصحية"، التي تقدم خدمات في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية والتدريب شبه العسكري للمراهقين.
وفي الانتخابات البلدية في مايو 2025، فازت لائحة حزب الله- أمل المشتركة بـ109 بلديات من أصل 272 في محافظتي النبطية والجنوب، إضافة إلى مقاعد متنازع عليها في بيروت ومناطق أخرى.
وترى الصحيفة أن قدرة الحزب على توفير السلع العامة والرعاية الاجتماعية للفقراء والمناطق الريفية "ما زالت تؤتي ثمارها انتخابياً حتى اليوم".
وفق رويترز، وافق مجلس الوزراء اللبناني على الأهداف الواردة في الاقتراح الأميركي الذي قدمه مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، توم براك، ويقضي بتفكيك ترسانة الحزب على ٤ مراحل زمنية.
تبدأ بإصدار مرسوم خلال 15 يوماً يلتزم نزع السلاح بحلول 31 ديسمبر 2025، يليها نشر الجيش ووضع كل الأسلحة تحت سلطة الدولة مع انسحاب إسرائيلي تدريجي من المواقع المحتلة خلال 90 يوماً، وصولاً إلى تفكيك الأسلحة الثقيلة بما فيها الصواريخ والطائرات المسيّرة، وانتهاءً بعقد مؤتمر دولي لدعم الاقتصاد اللبناني وإعادة الإعمار.
وأكدت الخارجية الأميركية في حديث سابق لـ"بلينكس" أن "مصداقية الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها على مطابقة المبادئ مع التطبيق"، مشددة على أنها ستواصل متابعة التطورات عن كثب لضمان عدم استعادة الحزب أو أي جماعة مسلحة أخرى لقدرتها على تهديد أمن لبنان أو إسرائيل.
إصلاحات لمواجهة الفساد وسحب التأييد
توضح ذا ناشيونال إنترست أن جزءاً كبيراً من عدم الاستقرار الاقتصادي في لبنان يعود إلى "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، مشيرة إلى اتهام حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في 2024 باختلاس 330 مليون دولار وتهريبها للاستثمار في عقارات أوروبية.
ورغم أن سلامة ليس منتمياً للحزب، فقد استفاد الأخير من هذا الفساد عبر استخدام مؤسسات الدولة لتحقيق أهدافه السياسية وتوزيع الموارد بشكل يفضّل أنصاره، ما سمح له بالعمل كـ"حكومة ظل".
هذا الواقع، بحسب الصحيفة، يعوق قدرة الدولة على الاستثمار في قطاعات حيوية مثل الصحة، ويجعلها تعتمد على دعم خارجي لدفع رواتب موظفيها وعناصر الجيش.
وتلفت الصحيفة إلى أن حكومة عون تمكنت في أبريل 2025 من تمرير قانون إصلاح مصرفي حول السرية والشفافية، استجابة لمطلب صندوق النقد منذ 2022، وهو ما يمكن أن يسرّع وتيرة الإصلاح إذا توافر الدعم الفني والمالي من الشركاء الدوليين.
انسحاب مشروط وانتشار للجيش
خلال لقائه عون، قال عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسى إن الولايات المتحدة ستضغط على جميع الأطراف، بما فيها إسرائيل، لضمان "انسحاب كامل من الجنوب مقابل انتشار الجيش اللبناني وإثبات قدرته على حفظ الأمن".
وأكد أن سكان المنطقة سيستفيدون من الأمن والسلام ومنع إطلاق الصواريخ أو التعرض لها.
وفي مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع في بيروت، شدد عون على أن لبنان "يمتلك حكومة واحدة وجيشاً واحداً" وأنه سيواصل العمل على تنفيذ سياسة "القوات المسلحة الواحدة"، وربط لبنان بدور إقليمي منتج والمشاركة في المشاريع الاقتصادية الكبرى.