أوروبا "العاجزة" أمام اختبار أوكرانيا.. القارة تفتقر للقوة؟
مع تصاعد مؤشرات نفاد صبر واشنطن من إنفاق مليارات الدولارات لدعم كييف، كشف نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، بوضوح عن ضعف القدرات العسكرية الأوروبية، داعياً القارة إلى "تحمّل نصيب أكبر" من تمويل الحرب في أوكرانيا.
وقال فانس، في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأحد، إن الأميركيين "سئموا" من إنفاق أموالهم على نزاعات خارجية، مؤكداً أن الولايات المتحدة "انتهت من تمويل" أوكرانيا، ومخاطباً الأوروبيين: "إذا كنتم تهتمون كثيراً بهذا الصراع، فعليكم تمويله بأنفسكم وبشكل مباشر وجاد".
تأتي هذه التصريحات فيما يحاول القادة الأوروبيون جاهدين إظهار جبهة موحّدة خلف أوكرانيا، وسط إشارات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنه قد يبرم صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تضطر كييف بموجبها إلى التنازل عن أراضٍ. فماذا ينتظر أوكرانيا وسط افتقار أوروبا للقوة اللازمة لفرض شروطها؟
وفق دبلوماسيين وخبراء، فإن أوروبا تفتقر إلى القوة اللازمة لفرض شروط مواتية على موسكو أو ضمان تطبيق أي اتفاق وقف إطلاق نار، وفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.
حتى ما يُعرف بـ"تحالف الراغبين" الذي تقوده بريطانيا وفرنسا لدعم أوكرانيا ومراقبة أي وقف لإطلاق النار، يبدو عاجزاً عن بلوغ هدفه الأصلي المتمثل في نشر 64 ألف جندي.
ومع أن روسيا حذّرت من أن وجود قوات غربية في أوكرانيا قد يشعل حرباً عالمية جديدة، فإن وزراء دفاع أوروبيين يعترفون بعدم القدرة حتى على حشد 10 آلاف جندي، فيما يبقى سقف 25 ألفاً "جهداً شاقا". بالمقابل، تمتلك روسيا نحو 800 ألف جندي.
وتقدّر أوكرانيا أنها بحاجة إلى 200 ألف جندي على الأقل لتأمين خطوطها ومنع أي هجوم روسي جديد، فيما يضع الخبراء الرقم الحقيقي أقرب إلى 600 ألف. لكن المشاركة العسكرية الأوروبية الفعلية تظل محدودة، إذ امتنعت بولندا وإسبانيا وإيطاليا عن إرسال قوات، وأبدت فنلندا مخاوف من إضعاف دفاعاتها الحدودية، بينما عرضت إستونيا إرسال وحدة صغيرة فقط.
مالياً، تجاوزت أوروبا الولايات المتحدة في إجمالي المساعدات العسكرية منذ يونيو، بنحو 72 مليار يورو مقابل 65 ملياراً من واشنطن.
غير أن الجزء الأكبر من هذه الأموال يذهب لشراء أسلحة أميركية، ما يعكس اعتماد القارة على القدرات العسكرية للولايات المتحدة. ووفق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن 40% من أسلحة بلاده مصدرها أميركي، و33% منتجة محلياً، وأقل من 30% تأتي من أوروبا.
في المقابل، تعتمد روسيا على مواردها الذاتية، مع دعم من الصين وإيران، وحصلت من كوريا الشمالية على ملايين القذائف منذ 2023. ورغم زيادة إنفاق الدفاع الأوروبي إلى 326 مليار يورو العام الماضي (1.9% من الناتج المحلي)، فإنه يظل بعيداً عن إنفاق أميركي يقارب التريليون دولار (3.4% من الناتج).
وكان الاتحاد الأوروبي أطلق خطة استعداد بقيمة 800 مليار يورو لتحديث قدراته العسكرية، لكن التنفيذ يتعثر بفعل الانقسامات السياسية وتجزئة الصناعات الدفاعية وغياب استراتيجية موحدة.
كما فرض الاتحاد 14 حزمة عقوبات على روسيا، وجمّد أكثر من 200 مليار يورو من أصولها، لكنه يواجه واقعاً يتمثل في أن موسكو وجدت بدائل تجارية مع الصين والهند ودول أخرى، بينما لم تتحقق بالكامل وعود ترامب بفرض رسوم مشددة على مشتري النفط الروسي.
أمن أوكرانيا هو أمن أوروبا؟
وفي ختام قمة طارئة السبت، شددت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على ضرورة إشراك كييف وبروكسل في أي اتفاق، معتبرة أن "أمن أوكرانيا هو أمن أوروبا".
لكن المراقبين يحذرون من أن الجهود الدبلوماسية الأوروبية، من دون دعم عسكري حقيقي، ستبقى مجرد رمزية، وأن ضمان وحدة الأراضي الأوكرانية يعتمد في النهاية على استمرار التزام واشنطن بالسلاح والقوات والإرادة السياسية.